الخميس, نوفمبر 13, 2025
الرئيسيةالسياحة والسفر«القُصير» المصرية... حكايات عتيقة من قلب البحر والجبال

«القُصير» المصرية… حكايات عتيقة من قلب البحر والجبال

مدينة ترتاح فيها العين والروح معاً؛ من فرط زخمها الجمالي والتراثي… «القُصير» التي تُعد من أقدم موانئ مصر تاريخياً؛ حيث أبحرت من هذه المنطقة سفن أعدتها الملكة الفرعونية حتشبسوت للقيام برحلتها إلى بلاد بونت.

إذا كنت تحب الهدوء والجذور فقد وصلت إلى وجهتك المثالية؛ فأنت في «القُصير» المصرية ستعيش لحظات استثنائية ما بين البحر والجبال والأحياء العتيقة، لتجد نفسك محاطاً بالجمال والتاريخ والتراث في آن واحد.

صور نادرة على الجدران تروي تاريخ القصير (فندق القُصير)

من هنا تتميز المدينة بطابع مختلف عن أي مدينة مصرية أخرى؛ فهي تحمل أجواء منطقة البحر الأحمر القديمة بكل ثقلها الإنساني والحضاري والفلكلوري والاجتماعي. وكأن الزائر لها انتقل عبر الزمن إلى حقبة مختلفة تعيده إلى طبيعته الفطرية، وجذوره المنسية مهما كانت جنسيته وثقافته؛ لأنها ببساطة أرض الإنسانية والطبيعة البكر.

تقع مدينة «القُصير» على بعد نحو 150 متراً من مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر (جنوبي شرق القاهرة)، وتتمتع بتاريخ طويل مليء بالأحداث المحورية التي لا يزال تأثيرها حاضراً في مصر، فمنذ آلاف السنين بدأت الملكة حتشبسوت رحلتها الاستكشافية منها إلى بلاد بونت. كما مثلت مركزاً لتجمع الحجيج المسلمين القادمين من مصر والمغرب العربي والأندلس للتوجه إلى أرض الحجاز، وهي تضم مجموعة من الآثار الإسلامية لعهود مختلفة.

عش جمال الطبيعة والهدوء في القصير (موفنبيك القصير)

في وسط المدينة، تستقبلك البنايات الأثرية ذات الطراز المعماري المتفرد، وأنصحك ألا يفوتك زيارة الحي القديم بها؛ لا سيما إذا كنت من عشاق الاستمتاع برائحة التاريخ، وتأمل البيوت العتيقة، وتخيل ما احتضنته زمان من حكايات وأحاديث ولحظات دافئة رحلت مع ساكنيها. فهناك تلتقي بالمنازل «القصيرية» بتقسيماتها ومسمياتها الخاصة، ومنها القاعة والصفة والحاصل والأرفات والبوابات الخشبية.

كما يمكنك زيارة مجموعة مساجد تاريخية وتراثية فضلاً عن الأضرحة والزوايا مثل ضريح الفاسي والهندي وسيدي عبد القادر الجيلاني والشيخ عبد الغفار، بطرازها المعماري المتميز. ومن المعالم التراثية أيضاً في المدينة (الشونة والقلعة العثمانية وقصر الحكم العثماني)، أما الأسواق والحرف والفنون التقليدية بها فإنها تمثل مساحات أخرى من الإبداع والإرث الاجتماعي المميز لسكان المدينة العريقة.

فندق القصير من الخارج (صفحة الفندق فيسبوك)

اقرأ ايضا: كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في أورلاندو بفلوريدا؟

تستطيع أن تقترب من هذه الفضاءات عبر زيارة الورش وأطلال المباني التي كان أهل المدينة يبدعون داخلها الصناعات اليدوية المحلية.

وفي الفترة الأخيرة، شهدت المدينة المصرية تنامي الرحلات السياحية إليها، والانتباه إلى ما تضمه من عوامل جذب للزائرين؛ بسبب هدوء شواطئها، وروعة الشعاب المرجانية في مياهها الصافية، وتنوع رياضاتها المائية؛ ما جعل الكثيرين من منظمي الرحلات وعشاق السفر إلى ترشيحها كمنتجع سياحي، يمكن أن يتصدر الخريطة السياحية لمنطقة البحر الأحمر بمصر.

الهدوء في أمسيات بالقصير (فندق موفنبيك القصير)

اختلفت الآراء حول سبب تسميتها باسم «القُصير»، وإن كان الباحث التاريخي طه الجوهري وابن المدينة يرجح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنها بسبب القصر أو القلعة التي كانت تميز المدينة، وكانت أول ما يراه القادم إليها سواء من البر والبحر، وتم تصغير الكلمة من القصر إلى القُصير بمرور السنوات.

وفي المدينة، للسائح أن يستمتع بمأكولاتها التقليدية، وعلى رأسها لحم الضأن أو الماعز المشوي على أحجار البازلت، والتي دائماً ما يتم تناولها مع الخبز البدوي الذي يسمى هناك «الجابوري»، كما يمكن له تذوق مشروبهم الرسمي وهو الجبنة (خليط البن بالحبهان وبعض الأعشاب).

القصير تتميز بالطبيعة الخلابة (فندق القُصير)

أما عن الإقامة فتتعدد الاختيارات أمامك، ما بين الإقامة المترفة إلى حد كبير بالنسبة لهذه المدينة العتيقة النائية، وهو النزول في فندق مثل «موفنبيك القصير» الذي سيستوقفك عمارته ذات الهوية، والمعتمدة على مواد البناء المحلية، والملائمة لمتطلبات المستخدم العصري.

هناك ستجد الأكلات التقليدية جنباً إلى جنب أطباق المطابخ العالمية، وستبهرك الإطلالة على البحر، وشروق وغروب الشمس، وجلسات السمسمية والغناء مع الفنانين وروائع التراث الغنائي العربي.

انتشار الشعاب المرجانية بالقصير (موفنبيك القصير)

أما إذا أردت إقامة مختلفة تأخذك إلى أجواء عتيقة فإن وجهتك ستكون لفندق «القُصير» أو «بيت الشيخ توفيق»، الذي يمتد عمره إلى قرن من الزمن؛ حيث كان في الأصل بيتاً يملكه شيخٌ عمل طويلاً مع شركة «استخراج الفوسفات الإيطالية» في القُصير لتنظيم العلاقات بينهم وبين السكان المحليين. ومرت السنوات وتوقف المكان عن العمل، حتى قام حفيده مصطفى سباق بتجديده واستقبال السياح، وجعل لكل غرفة اسماً يحكي إحدى مراحل المدينة، كما جمع فيه مقتنيات نادرة من الأسر تسرد هي أيضاً الإرث الاجتماعي والثقافي للقصير.

مقالات ذات صلة
- اعلان -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات