وجهتنا اليوم هي تيرانا عاصمة ألبانيا، المدينة التي حملت على مدى عقود طويلة ملامح العزلة والفقر تحت ظل الحكم الشيوعي والدكتاتوري. فقد عاشت البلاد في القرن العشرين واحدة من أشد فترات الانغلاق في أوروبا، حيث فُرضت قيود صارمة على حياة الناس، وانعكس ذلك على معالم المدينة التي غلبت عليها الرموز الآيديولوجية والعمارة القاسية. كانت تيرانا خلال تلك الحقبة بعيدة عن أعين العالم، محاطة بأسوار الصمت والرقابة، تعاني من محدودية الموارد وتقييد الحريات. ومع ذلك، فإن هذه التجربة التاريخية القاسية أصبحت اليوم جزءاً من هوية المدينة، وجعلت من تحولها نحو الانفتاح والديمقراطية قصة ملهمة تعكس صمود شعبها ورغبته في بناء مستقبل أفضل.
عانت البانيا من العزلة واليوم تطلع للانفتاح واستقبال السياح (غيتي)
اخترنا تيرانا لنكون من أوائل الزوار الشاهدين على تحرر هذه المدينة وتطورها ونفض غبار الشيوعية عنها وفتح ذراعيها للزوار، وكلها تفاؤل بفكرة الانضمام للاتحاد الأوروبي لتصبح وجهة سياحية على مستوى المنافسة مع الجيران.
تُعَدّ تيرانا القلب الثقافي والسياسي لألبانيا، وواحدة من أبرز الوجهات السياحية في منطقة البلقان. تقع في موقع استراتيجي يجمع بين الجبال والسهول، مما يمنحها طبيعة خلابة تجذب الزوار على مدار السنة. تتميز المدينة بتاريخ متنوع، يظهر في عمارتها التي تحمل بصمات عثمانية وإيطالية وشيوعية وحديثة في آن واحد. كما تضم معالم بارزة مثل ساحة سكاندربغ، المتحف الوطني للتاريخ، والمساجد والكنائس القديمة التي تحكي قصص حضارات متعاقبة. ولا تقتصر جاذبية تيرانا على معالمها فحسب، بل تمتد إلى أسلوب حياتها العصري، حيث المقاهي، والأسواق الشعبية، والمهرجانات التي تعكس روح المدينة المبهجة.
هرم تيرانا الشهير (غيتي)
عند زيارة تيرانا، يجد السائح نفسه في قلب مزيج حضاري غني، شعبها مضياف وكريم إلى حدٍ بعيد. يتمتع المجتمع بالتسامح الديني والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، مما يضفي على البلاد تنوعاً ثقافياً فريداً، فيشكل المسلمون (سنة وبكتاشية) نحو 60 في المائة من السكان و40 في المائة من المسيحيين غالبتهم أرثوذكس. العملة المحلية هي الـ«ليك» ولكن العملات الأخرى مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني متداولة في المحلات والمطاعم، غالبية الأماكن لا تقبل بطاقات الائتمان، فمن الضروري حمل العملة النقدية.
ستاد تيرانا الشهير بتصميم مبناه المميز (غيتي)
مطار تيرانا المعروف أيضاً باسم مطار الأم تيريزا تيمناً بالقديسة الألبانية، فهو مطار صغير ويبعد عن وسط المدينة بنحو 20 دقيقة، التنقل في العاصمة سيكون بواسطة التاكسي أو الحافلات العمومية أو تأجير سيارة إذا كنت تنوي زيارة المناطق القريبة من العاصمة، وفي حال كنت تنوي الإقامة في العاصمة فقط فسيكون المشي هو أفضل وأسرع طريقة لاكتشافها لأنها مدينة صغيرة من حيث المساحة وجميع معالمها السياحية وأسواقها ومقاهيها قريبة من بعضها البعض.
ساحة سكاندربغ والمتحف الوطني ( غيتي)
الإقبال الحالي الشديد على تيرانا أو البانيا بشكل عام هو بسبب رخص أسعارها، بالمقارنة مع تلك التي تجدها في باقي دول البلقان أو الدول الأوروبية المجاورة لها مثل إيطاليا واليونان، فالمطاعم والفنادق في تيرانا رخيصة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال من الممكن بأن تنزل في فندق من فئة 5 نجوم في وسط المدينة مقابل 150 يورو لليلة الواحدة، أما أسعار المطاعم فهي تعتمد على المطعم ولكنها مقبولة نسبياً.
الساحة الكبرى في تيرانا حيث ينتصب تمثال البطل الالباني سكندربرغ (غيتي)
اخترنا فندق «جيكو» Xheko لأن موقعه جيد جداً ويضم مركزاً صحياً كبيراً ويقدم الكثير من العلاجات بأسعار مقبولة، كما يتميز الفندق بمطعم مفتوح على سطحه يقدم المأكولات الألبانية والمتوسطية والسوشي، ويعتبر من بين أهم عناوين الأكل في المدينة.
إذا كانت زيارتك لتيرانا فقط فإليك أهم ما يمكنك زيارته فيها:
– حي بيلكو
كان محظوراً على العامة أيام النظام السابق، والآن تحول إلى منطقة عصرية تضم مقاهي أنيقة ومحلات، ويعتبر من أهم المناطق السياحية المخصصة للمشاة.
– ساحة سكندربك (Skanderbeg Square)
أهم ساحة في قلب المدينة، تضم نصب البطل الوطني سكاندربغ والعديد من المباني الحكومية والثقافية مثل المتحف الوطني والتّاريخي، ودار الأوبرا والسينما.
– متحف الفن السري – بيت الأوراق (House of Leaves)
متخصص في عرض تاريخ المراقبة والتجسس خلال الحقبة الشيوعية، في المقر السابق لجهاز «سيغوريمي». يحتوي على أدوات وتجهيزات أصلية، وحصل على جائزة متحف أوروبا لعام 2020.
– هرم تيرانا (Pyramid of Tirana)
في الأصل، تم بناء الهرم عام 1988 كمتحف تكريمي لأنور خوجة، زعيم ألبانيا الشيوعي، بعد وفاته تحوّل إلى مركز ثقافي حديث يضم صالات عرض ألعاب سينمائية. يُمكنك الصعود إلى أعلاه للاستمتاع برؤية المدينة من فوق.
– الحديقة الكبرى وبحيرتها الصناعية
واحة خضراء ضخمة في جنوب المدينة، تضم بحيرة اصطناعية ومتنزهات وملاعب ومتحفاً صغيراً وحتى حدائق نباتية وحديقة حيوانات، تعد من أهم مناطق الاسترخاء والنشاطات الخارجية.
– جولة مشي مع دليل سياحي
اقرأ ايضا: تسلق قبة مبنى «O2 أرينا» وتمتع برؤية لندن من فوق
تساعدك في فهم التاريخ الحديث والعجيب للعاصمة من خلال زيارات لأهم المعالم مثل منزل خوجة القديم، والمناطق المحظورة سابقاً.
– بزار (Pazari I Ri)
سوق تقليدية تجد فيها المنتجات المحلية من طعام وحرف يدوية.
وإذا أردت اكتشاف المناطق القريبة من تيرانا فلا بد من زيارة منطقة كرويا Kruje الأثرية التي تحكي قسماً من تاريخ البانيا الغريب، أما إذا كنت من محبي المغامرات والرحلات الاستكشافية فيجب عليها التوجه إلى مصعد جبل دايتي واكتشاف المنطق بواسطة التليفيريك، أو التوجه إلى منطقة بحيرة تيرانا الاصطناعية فهي وجهة عائلية وفيها العديد من المطاعم التي تعتبر مثالية للغداء أو العشاء بعيداً عن صخب المدينة.
كرويا… مدينة التاريخ والأساطير في قلب ألبانيا
تُعد كرويا من أجمل وأهم الوجهات السياحية في ألبانيا، حيث تجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الساحرة. تقع هذه المدينة الجبلية على ارتفاع يقارب 600 متر عن سطح البحر، على بعد نحو 30 كيلومتراً شمال العاصمة تيرانا. فهي تحتفل بالبطل القومي سكندربك (Skanderbeg) الذي قاد مقاومة الألبان ضد الدولة العثمانية في القرن الخامس عشر، ولهذا فهي رمز للفخر الوطني. وأهم الزيارات فيها متحف سكاندربغ أو (سكندربك) والبزار العثماني.
أين تأكل؟
في تيرانا لن تشعر بالجوع لأن المقاهي والمطاعم منتشرة وبكثرة في جميع الأماكن وتفتح حتى ساعة متأخرة من الليل، وبما أن الغالبية من السكان مسلمة فجميع المأكولات فيها حلال.
كارباتشيو البقر في مطعم سينيز المتخصص بتقديم اللحوم (الشرق الاوسط)
إيوس EOS Mezze Bar
يقع هذا المطعم في منطقة عصرية جداً مليئة بالمطاعم الجميلة مع جلسات خارجية، يقدم المأكولات المتوسطية على طريق التاباس (أطباق صغيرة للمشاركة) أو المازة كما يدل الاسم، ويقدم مأكولات تمزج ما بين المطبخ اليوناني والإيطالي والألباني والتركي، من أشهر وألذ الأطباق مثل الزيتون المقلي والكفتة على طريقة الـ«لولي بوب» مع صلصة الزبادي اللذيذة الكبدة على الطريقة الألبانية، بالإضافة إلى أطباق عديدة أخرى. الأجواء في هذا المطعم جميلة وعصرية والديكور الداخلي بسيط ومريح، فكرة المطعم جديدة من نوعها في البانيا، فهي تعكس تاريخ البلاد وتأثير الهجرة والتجارة والدين عليها.
باذنجان محشي على الطريقة الالبانية في إيوس (الشرق الاوسط)
سينيز Ceni’s
يمكن القول إنه من أكثر المطاعم تفردا في العالم، فهو صغير من حيث الحجم ويقدم الأطباق التي تعتمد على اللحوم بشكل خاص. إنه مطعم عائلي تأسس في عام 2008، لتذوق أشهى النكهات المتوسطية الأصيلة. يقع هذا المطعم الأنيق والدافئ في قلب تيرانا النابض بالحياة، ويضمن لكم شعوراً بالدفء والراحة. يضمن فريق الطهاة، بقيادة ندل ماهرين، أرقى خدمة ويُلبي رغبات حتى أكثر الزبائن تميزاً. يمتاز «سينيز» بجودة ونضارة مكوناته، حيث يجمع المنتجات بعناية فائقة من مزارع القرى المجاورة. من الدجاج واللحوم المُختارة بعناية إلى الأطباق المنزلية التي تُخلّد ذكرى لحوم ألبانيا المُفضّلة، يُجسّد كل طبق في «سينيز» جوهر المذاق المتوسطي الأصيل. أطباقه لذيذة جداً ولكنها مخصصة لمحبي اللحوم فقط.
من أطباق “إيوس” ومن الذها الزيتون المقلي (الشرق الاوسط)
ترايب Tribe
يقع في وسط تيرانا، وهو من العنوانين الراقية في المدينة، أسعاره ليست رخيصة بالمقارنة مع المطاعم الأخرى ولكنه يتميز بأجوائه وديكوره والموسيقى والطعام.
سوما فينيل ستايشون Soma Vinyl Station
يناسب هذا المطعم محبي الموسيقى فأجواؤه عصرية جدا ويتميز بمأكولاته اللذيذة وجلساته المريحة.
مازة البانية في إيوس (الشرق الاوسط)
أتي Aty
يقع بالقرب من هرم تيرانا الشهير، أجواؤه رائعة وعصرية، أطباقه من وحي المتوسط مع لمسة ألبانية.
من أطبق مطعم إيوس في تيرانا (الشرق الاوسط)
زونا Gzona
من العناوين الجديدة في تيرانا، يقدم المأكولات المحلية والمتوسطية في أجواء عصرية وشبابية مريحة.
