تصاعدت الضغوط الدولية على حكومة «الوحدة» المؤقتة في غرب ليبيا، لإغلاق مراكز احتجاز المهاجرين التي تقول منظمات حقوقية إنها «تشهد انتهاكات جسيمة، تشمل التعذيب وسوء المعاملة، وأحياناً القتل».
وخلال جلسات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، مساء الأربعاء، دعت عدة دول، من بينها بريطانيا وإسبانيا والنرويج وسيراليون، السلطات الليبية إلى «احترام التزاماتها الدولية وحماية المهاجرين واللاجئين، في ظل ما تشهده البلاد من انقسامات سياسية وأمنية».
في المقابل، جاء الرد الليبي على لسان القائم بأعمال وزير الخارجية والتعاون الدولي، محمد الطاهر سالم الباعور، بأن «التدفقات البشرية التي تعبر الصحراء عبر ليبيا نحو المتوسط تشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً كبيراً على الدولة»، مضيفاً: «لست هنا لرسم صورة مثالية عن وضع حقوق الإنسان في بلادي، بل لأؤكد الجهود المبذولة رغم التحديات التي تمر بها ليبيا خلال هذه المرحلة الانتقالية الحساسة».
مهاجرون غير نظاميين ينتظرون الترحيل في مدينة درنة بشرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)
غير أن سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، إليانور ساندرز، أعربت عن قلقها إزاء «التقارير التي تحدثت عن العثور على مقابر جماعية تضم جثث مهاجرين تحمل آثار طلقات نارية»، مطالبة بـ«إتاحة وصول غير مقيد للأمم المتحدة والمنظمات المستقلة إلى مواقع الدفن»، بحسب وكالة «رويترز».
أما السفير النرويجي، تورمود إندرسن، فقد دعا إلى «وقف الاعتقالات التعسفية وضمان حماية المهاجرين المعرضين للخطر».
وسبق أن أعلنت 13 منظمة إغاثة دولية في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي تعليق تعاونها مع حرس السواحل الليبي، احتجاجاً على ما وصفته بـ«تزايد أعمال العنف أثناء اعتراض قوارب المهاجرين في البحر المتوسط، وتعرض الموقوفين لاحقاً لانتهاكات داخل مراكز الاحتجاز».
بالتوازي مع «اجتماع جنيف»، قالت منظمات حقوقية في رسالة إلى الأمم المتحدة إن «الجماعات المسلحة في ليبيا تعمل دون عقاب، وتعرقل المحاكم، وترتكب انتهاكات واسعة النطاق».
وفي سياق متصل، أفاد الناشط الحقوقي، طارق لملوم، الخميس، بأن طائرة أقلعت من «مطار معيتيقة الدولي» بطرابلس، على متنها 91 شخصاً من العائلات السورية، في رحلة عودة إلى دمشق نظّمتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على نفقتها. وقال إن «الرحلة جرت بالتنسيق الكامل مع المفوضية»، مشدداً على ضرورة «استمرار عمليات العودة الطوعية وفق آلية واضحة ومن دون عراقيل جديدة من قبل وزارة الداخلية».
نوصي بقراءة: غموض يلف موقف حماس.. تقارير إعلامية متناقضة عن قبول ورفض “خطة ترمب” والحركة تلتزم الصمت
وفي تطور أمني منفصل، قُتل قائد القوات الخاصة التابعة لحكومة «الوحدة»، العميد محمد الصداعي، إثر تعرضه لإطلاق نار داخل «قاعدة معيتيقة» العسكرية في العاصمة طرابلس الأربعاء. وأوضح مصدر من رئاسة الأركان أن الحادث نجم عن «خلاف في العمل داخل المعسكر»، مؤكداً إلقاء القبض على الجندي المتسبب في الحادث وفتح تحقيق رسمي.
ونعت إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي العميد الصداعي، واصفة إياه بـ«القائد الشجاع والجندي المخلص الذي نذر نفسه لخدمة الوطن»، مشيرة إلى أن المؤسسة العسكرية «فقدت برحيله أحد أبرز رموزها».
جندي ليبي خلال تدريب لقوات «الجيش الوطني» في بيلاروسيا (شعبة الإعلام الحربي)
وفي الأثناء، تواصل وحدات من «الجيش الوطني» الليبي تدريبات مشتركة للقوات الخاصة – الصاعقة والمظلات – في بيلاروسيا، ضمن برامج تهدف إلى رفع الجاهزية القتالية وتعزيز القدرات الميدانية.
وعلى الصعيد السياسي، أجرت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، محادثات مع وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، في العاصمة الجزائرية، الخميس، حول «الخطوات المعتمدة في (خريطة الطريق) الأممية وما تشمله من إعداد الإطار القانوني للانتخابات، وتوحيد المؤسسات التنفيذية، وتنظيم حوار وطني شامل تحضيراً لانتخابات عامة».
وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف والمبعوثة الأممية هانا تيتيه (الخارجية الجزائرية)
وبحسب بيان لـ«الخارجية الجزائرية»، فقد أبدى عطاف دعم بلاده للجهود الأممية، مشدداً على «حتمية تنظيم الانتخابات باعتبارها السبيل الوحيدة لتجاوز الأزمة الحالية، مع التأكيد على رفض الجزائر لكافة أشكال التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية الليبية». كما أحاط عطاف المبعوثة تيتيه بمخرجات الاجتماع الوزاري التشاوري للآلية الثلاثية لدول جوار ليبيا، الذي عُقد بالجزائر في السادس من نوفمبر الجاري بين دول مصر والجزائر وتونس.
وسبق أن أعلنت المبعوثة الأممية إطلاق «خريطة طريق» سياسية لإنهاء الأزمة الليبية في أغسطس (آب) 2025، مع إطار زمني يتراوح بين 12 و18 شهراً للتنفيذ.
وتركّز الخطة على وضع إطار انتخابي سليم وإصلاح مجلس المفوّضية العليا للانتخابات، وتوحيد المؤسسات عبر حكومة وحدة، وإطلاق حوار وطني مهيكل يشارك فيه المجتمع المدني لمناقشة الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان.

