مع اقتراب سوق الانتقالات الصيفية، يواجه ريال مدريد مهمة حساسة في تعزيز خط دفاعه، في ظل الغموض حول مستقبل بعض عناصره الأساسيين، فبينما يقترب عقد ديفيد ألابا وأنطونيو روديجر من الانتهاء في 2026، بدأ النادي الإسباني البحث عن بدائل قوية لضمان الاستقرار الدفاعي على المدى الطويل.
في هذا السياق، برز اسمان على طاولة الميرينجي، وهما إبراهيما كوناتي من ليفربول ودايوت أوباميكانو من بايرن ميونخ، ولكن، مع تزايد الأنباء الأخيرة عن قرب توصّل ريال مدريد إلى اتفاق شفهي مع أوباميكانو حول انتقال حر الصيف المقبل، بدأ التفضيل ينحاز بوضوح نحو المدافع الفرنسي البالغ 27 عامًا داخل الغرف المغلقة، بالرغم من أن كوناتي كان يمتلك الأفضلية في السباق.
خاض كوناتي خلال موسم 2024–2025 الماضي على مستوى الدوري المحلي، 11 مباراة أكثر من أوباميكانو قبل إصابة الأخير في غضروف الركبة، وأظهر تفوقًا في بعض الإجراءات الدفاعية التقليدية مثل التدخلات والإبعاد، لكنه سجل 17 اعتراضًا فقط مقابل 34 لأوباميكانو، وتلقى ليفربول 41 هدفًا مقابل 32 هدفًا لشباك بايرن.
على صعيد الأخطاء الفردية، ارتكب كوناتي ثلاثة أخطاء أدت مباشرة لتسديدة، بمعدل خطأ واحد كل عشر مباريات، بينما ارتكب أوباميكانو خطأً واحدًا فقط خلال عشرين مباراة، ما يعكس هدوء الأخير وانضباطه التكتيكي؛ وفي المواجهات الفردية مع المراوغين، يتفوق كوناتي بنسبة نجاح 71.4% مقابل 55.2% لأوباميكانو، كما أن تفوقه في الصراعات الهوائية (71.8% مقابل 58.4%) يمنحه الأفضلية البدنية بفضل طوله.
لكن أوباميكانو يمتاز بالمرونة وسرعة الاسترداد، مع 115 استردادًا مقابل 98 لكوناتي خلال دقائق لعب أقل، وأخطاء أقل (7 مقابل 14)، ما يعكس قدرة تكتيكية على تغطية المساحات الواسعة والتحرك بسلاسة بين المراكز الدفاعية المختلفة.
من ناحية التمرير، بلغت دقة تمريرات أوباميكانو الطويلة 83.1% مقابل 55% لكوناتي، بينما بلغت دقة التمريرات القصيرة 93.9% مقابل 93.8%، والمتوسطة 96.7% مقابل 95%، كما أرسل أوباميكانو 197 تمريرة نحو الثلث الأخير مقابل 143 لكوناتي، و137 تمريرة تقدمية مقابل 115، ما يجعله مثاليًا لدعم البناء الهجومي من الخلف.
لكن كوناتي يظل أكثر فاعلية في خلق الفرص المباشرة، مع 10 تمريرات مفتاحية وصناعة 7 فرص تهديفية مقابل 7 تمريرات مفتاحية و0 فرص مباشرة لأوباميكانو، ما يعكس مساهمته الأكبر في صناعة اللعب الهجومي رغم أسلوبه الدفاعي التقليدي.
يبرز أوباميكانو كلاعب قادر على التقدم بالكرة بسرعة، حيث قطع 4,165 ياردة باتجاه مرمى المنافس مقابل 3,603 ياردة لكوناتي، ونجح في تنفيذ 27 انطلاقة ناجحة نحو الثلث الأخير مقابل 15 للفرنسي.
أما كوناتي، فيتميز بالسيطرة الدفاعية، مع 928 لمسة في نصف ملعبه مقابل 626 لمواطنه، و223 لمسة داخل منطقة الجزاء مقابل 96 فقط، ما يعكس دوره كلاعب قلب دفاع كلاسيكي يعتمد على التنظيم والتمركز العميق.
المساهمة الهجومية ليست أولوية أساسية لقلوب الدفاع، لكن يظل الاختلاف بين اللاعبين واضحًا: سجل كوناتي هدفًا وصنع هدفين، بينما سجل أوباميكانو هدفين فقط دون صناعة أي تمريرة حاسمة، وفي مؤشر الأهداف المتوقع (xG)، تجاوز أوباميكانو توقعاته البالغة 1.2 هدفًا بتسجيله ثنائية، في حين لم يصل هدف كوناتي إلى توقعاته البالغة 1.7 بعدما سجل هدفًا وحيدًا.
نوصي بقراءة: جدول ترتيب هدافي الدوري الألماني 2025/ 2026 بعد نهاية الجولة السادسة
إذا نظرنا للأرقام الحالية، فلم يتغير الكثير بين كوناتي وأوباميكانو، بالرغم من ظهور الأول بصورة مختلفة عن الموسم الماضي في مختلف المباريات بالنسبة للرؤية الفنية، ولكن الاختلاف الجسيم كان رحيل ترينت ألكسندر أرنولد عن ليفربول.
بعدما كان كوناتي يدافع في منطقة أكبر بكثير، من خلال التغطية على تقدم الظهير الإنجليزي، فكان تدخلاته تظهر جليًا، بينما لم يكن الليفر يعتمد عليه في بناء اللعب كثيرًا، حيث كان يتولى ذلك أرنولد بتمريراته المتقنة سواء الطولية أو القصيرة.
وتشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة نجاح كوناتي في التمريرات الطولية (أكثر من 30 ياردة)، حيث وصلت نجح في 35 تمريرة من أصل 52 بنسبة وصلت إلى 67.3%، في ارتفاع كبير عن الموسم الماضي، بعدما كان قد حقق نسبة نجاح 55% فقط.
كما حافظ كوناتي على دقة التمريرات الصحيحة الإجمالية، بنسبة 90.2%، مما يدعم كونه لم يتأثر كثيرًا على مستوى الأرقام التي يحققها المدافع الفرنسي، سواء على مستوى التدخلات، خاصةً الهوائية التي بلغت نسبة نجاحها 70.9% بعدما كانت الموسم الماضي 71.8%، بانخفاض طفيف.
الآن، وبوجود برادلي في مركز الظهير الأيمن، بدأت تظهر مشاكل كوناتي في التمريرات والخروج من تحت الضغط، خاصةً وأن الشاب الأيرلندي الشمالي ليس جيدا بالكرة كما كان سلفه في هذا المركز، وبعد رحيله إلى ريال مدريد، وابتعاد أندرو روبرتسون عن مركزه الأساسي للوافد الجديد ميلوش كيركيز، بات ليفربول في مرحلة تجديد واضحة في الخط الخلفي.
وفي ظل هذا التجديد، مع تقدم فان دايك بالعمر، ظهر كوناتي بصورة مخالفة لما كان عليه في الموسم السابق، على الرغم من عدم الاختلاف كثيرًا على مستوى الأرقام، ولكن تذبذب مستوى الفريق ككل، وخط الدفاع على وجه الخصوص، يضعه أمامه علامات استفهام كبيرة، خاصةً في ظل العروض التي تلقاها للرحيل مجانًا في نهاية الموسم، وفي مقدمتهم ريال مدريد بالطبع.
أما بالنسبة لـ أوباميكانو، فيبدو أنه لا يعيش موسم أفضل من الموسم الماضي، فبينما بدأ 9 مباريات من أصل 10 في الدوري الألماني، فانخفضت نسبة نجاحه في المواجهات الهوائية إلى 45.8% بدلًا من 58.4% في الموسم الماضي، كما انخفضت نسبة نجاح تمريراته الطولية إلى 70.5%.
عند النظر إلى قائمة ريال مدريد الحالية، تبدو كفة إبراهيما كوناتي أرجح من دايوت أوباميكانو، إذ يحتاج الفريق الملكي إلى مدافع يمتلك معدلات عالية في الافتكاك والتدخلات الناجحة، إضافة إلى القدرة على الدفاع في المساحات الواسعة، وتزداد أهمية هذا النوع من المدافعين خصوصًا إذا استعاد ألكسندر أرنولد مركزه الأساسي، بعد سلسلة الإصابات التي أبعدته في فترات سابقة.
أما الوافد الجديد دين هاوسين، فيتميز بدقة مرتفعة في التمريرات القصيرة والطويلة، وهو ما يعزز من جودة الخروج بالكرة عند ريال مدريد. وفي وجوده، سيشكّل كوناتي دعامة دفاعية أكثر صلابة، خاصة أنه يتفوق على إيدير ميليتاو في القوة البدنية وفي معدلات الفوز بالصراعات الأرضية والهوائية.
ورغم أن ميليتاو يتفوق من حيث الخطورة الهجومية في الكرات الثابتة وكذلك دقة التمرير، فإن حجم مشاركته في عملية البناء أقل بكثير مقارنة بكوناتي، هذا الفارق يبرر الاعتماد الأكبر بالنسبة للمدرب تشابي ألونسو على هاوسين في مهمة بناء اللعب، بينما سيمنح كوناتي الفريق قوة إضافية في الالتحامات وعمقًا دفاعيًا مهمًا داخل التشكيلة بجواره.
وبناءً على الأرقام وأسلوب اللعب، يمكن القول أن أوباميكانو يشبه هاوسين في الخصائص، بينما سيعطي كوناتي تكاملًا أكثر مع تعويض الجانب البدنى والقوة عند الإسباني، لذلك فإن وجود صاحب الـ26 عامًا، حتى في حال مشاركته كبديل لميليتاو، سيُعد إضافة مهمة وقيمة، خاصة أنه سيكون خيارًا أفضل بكثير من روديجير وألابا اللذين يقتربان من مغادرة سانتياجو بيرنابيو.
