كشف باحثون من جامعة ترينيتي كوليدج في آيرلندا عن تطوير لقاح جديد يُعطى عبر الأنف، يُتوقع أن يُحدث تحولاً جذرياً في الوقاية من الأمراض التنفسية.
وأوضح الباحثون أن اللقاح الجديد أظهر قدرة فريدة على توفير مناعة مزدوجة في الأنف والرئتين، تحمي من الإصابة، وتمنع انتقال العدوى في الوقت نفسه، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية (Nature Microbiology).
وتُعد العدوى التنفسية من أكثر أنواع العدوى شيوعاً وخطورة على مستوى العالم، إذ تصيب الممرات الهوائية العلوية والسفلية، مسببة أمراضاً مثل السعال الديكي، والالتهاب الرئوي، والإنفلونزا، والسل.
وتنشأ غالبية هذه العدوى نتيجة انتقال البكتيريا أو الفيروسات عبر الرذاذ التنفسي، أو التلامس المباشر، ما يجعل السيطرة عليها تحدياً صحياً مستمراً.
وتكمن خطورتها في قدرتها على الانتشار السريع داخل المجتمعات، خصوصاً بين الأطفال، وكبار السن، وضعاف المناعة. لذلك، يولي العلماء اهتماماً متزايداً بتطوير لقاحات تحفّز المناعة الموضعية في الأنف والرئتين، وهي مناطق دخول الميكروبات الأساسية، لضمان حماية مزدوجة تمنع الإصابة، وتحد من انتشار العدوى.
قد يهمك أيضًا: دواء يوقف تراكم الدهون ويُعيد الأمل لمرضى الكبد
ورغم أن لقاحات السعال الديكي التقليدية تُعد منقذة للحياة، فإنها لا تمنع استعمار البكتيريا للأنف والحلق، ما يسمح باستمرار العدوى داخل المجتمع. وتشير الإحصاءات إلى أن عودة انتشار المرض عالمياً رغم ارتفاع معدلات التطعيم تُبرز الحاجة الماسة للقاحات أكثر فاعلية.
ويعتمد اللقاح الجديد، المسمى (AIBP)، على بكتيريا السعال الديكي المُعطّلة بالمضادات الحيوية، ويُعد أول لقاح من نوعه يُحفّز المناعة الموضعية في الممرات التنفسية مباشرة دون الحاجة إلى الحقن.
ويُعطى اللقاح عبر الغشاء المخاطي الأنفي بدلاً من الحقن، بهدف تحفيز مناعة موضعية مباشرة في موقع العدوى، أي في الجهاز التنفسي، مما يمنح حماية أقوى، ويحد من انتشار البكتيريا داخل المجتمع.
وفي التجارب المخبرية، حقق اللقاح الأنفي نتائج لافتة، أبرزها منع تام لتكاثر البكتيريا في الرئتين، والممرات التنفسية العليا، وتحفيز قوي لخلايا المناعة الموضعية (T cells وB cells) المسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة من نوع (IgA)، وهي التي تمنع دخول الميكروبات عبر الأنف، بالإضافة لاستجابة متوازنة وآمنة دون حدوث التهابات جهازية غير مرغوبة، ومناعة طويلة الأمد استمرت لأسابيع بعد التطعيم.
كما حقق اللقاح حماية كاملة ضد العدوى في الرئتين، وتجويف الأنف، متفوقاً بذلك على اللقاحات المستخدمة حالياً.
وبحسب الفريق، تشير النتائج إلى أن هذا اللقاح يمكن أن يُستخدم مستقبلاً على أنه لقاح جيل جديد مستقل للسعال الديكي، أو على أنه منصة متعددة الاستخدامات لتطوير لقاحات ضد مسببات أمراض أخرى مثل المكورات العنقودية الذهبية، والمكورات الرئوية، وعدوى الميكوبلازما الرئوية، والسل.

