ألغت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، خططاً لرفع معدلات ضريبة الدخل في موازنة هذا الشهر، سعياً لتجنب رد فعل سياسي عنيف، بينما أثار القرار قلق المستثمرين الذين رفعوا تكاليف الاقتراض الحكومي، وفق ما ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز».
ومن المتوقع أن تحتاج ريفز إلى جمع عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية للوفاء بأهدافها المالية، وقد اعتُبر تعليقها الأخير بأن «علينا جميعاً المساهمة» تمهيداً للتخلي عن التعهد الانتخابي برفع معدلات ضريبة الدخل.
وبعد نشر التقرير، انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.3 في المائة مسجلاً أدنى مستوى له مقابل اليورو منذ أكثر من عامين ونصف العام، في ظل ترقب الأسواق لأي إشارة إلى فشل ريفز في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة المالية العامة إلى مسارها الطبيعي.
كما تراجعت أسعار السندات الحكومية البريطانية بشكل حاد مع افتتاح السوق يوم الجمعة، حيث ارتفعت العائدات بنحو 12 نقطة أساس على السندات طويلة الأجل، في مسار يشير إلى أسوأ يوم منذ 2 يوليو (تموز)، حين أثار ظهور ريفز باكية في البرلمان قلق المستثمرين.
ورفض متحدث باسم وزارة الخزانة التعليق على تقرير «فاينانشال تايمز»، الذي نقلته أيضاً وسائل إعلام بريطانية أخرى لاحقاً، في حين طمأنت الأسواق التعليقات حول عدم فرض زيادات ضريبية.
وفي الأسابيع الأخيرة، أظهر المستثمرون بعض الاطمئنان من إشارات ريفز بشأن استعدادها لاتخاذ إجراءات صارمة للبقاء على المسار الصحيح لتحقيق أهداف المالية العامة بحلول 2029-2030، باستثناء الإنفاق الاستثماري، مما ساهم في انخفاض عوائد السندات الحكومية، التي تتحرك عكسياً مع الأسعار.
نوصي بقراءة: تضخم أعلى من المتوقع يضع «الاحتياطي الفيدرالي» أمام تحديات معقدة
وأشار الخبير الاقتصادي كالوم بيكرينغ من شركة «بيل هانت» إلى أن ريفز ستختار على الأرجح «مجموعة من الزيادات الضريبية الصغيرة التي قد تعيق النمو»، مضيفاً: «ستزيد هذه الخطوة من حالة عدم اليقين، وتضر بمصداقية الحكومة المتدهورة بالفعل، كما تعقّد أي قرار من بنك إنجلترا لتعويض هذه الزيادات بخفض أسعار الفائدة».
وأشارت صحيفة «فاينانشال تايمز» إلى أن أحد البدائل أمام ريفز لزيادة الإيرادات يتمثل في خفض العتبات التي تُطبق عندها معدلات ضريبة الدخل المختلفة، وهو ما قد يجمع مبالغ كبيرة للخزانة لكنه يثقل كاهل العمال ذوي الأجور المنخفضة بشكل غير متناسب، وفقاً لبول جونسون، المدير السابق لمعهد الدراسات المالية.
وكان المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية قد حذّر من ضرورة البدء في زيادات ضريبية كبيرة لتجنب فقدان ثقة السوق، كما حدث مع رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس.
وأوضحت الصحيفة أن قرار تعديل الخطط، الذي اتخذ هذا الأسبوع، تم إبلاغه إلى مكتب مسؤولية الموازنة يوم الأربعاء، وأن ريفز ستعتمد نهجاً «متنوعاً» في جمع مجموعة من الضرائب المختارة بعناية.
وكانت ريفز ورئيس الوزراء كير ستارمر قد صرّحا قبل الانتخابات الماضية بأنهما لن يرفعا الضرائب على «العمال»، بما في ذلك ضريبة الدخل ومساهمات الضمان الاجتماعي وضريبة القيمة المضافة، لتعزيز ثقة الناخبين بأن حكومة حزب العمال لن تلجأ إلى سياسات قائمة على الضرائب والإنفاق الآيديولوجي.
وفي أول موازنة لها قبل عام، جمعت ريفز 40 مليار جنيه إسترليني (52.7 مليار دولار) للاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة، معظمها من خلال زيادة الضرائب على الشركات، في حين تدهورت التوقعات الاقتصادية منذ ذلك الحين.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرحت ريفز لإذاعة «بي بي سي» بأنها لن تلتزم بالتزامات البيان الانتخابي إلا إذا أُجريت تخفيضات كبيرة في الإنفاق الرأسمالي.
