في تطور مفاجئ، وقبل اجتماع مرتقب لمجلس النواب الليبي لبحث الميزانية المقترحة من حكومة «الاستقرار»، التي يرأسها أسامة حماد، طلب محافظ المصرف المركزي، ناجي عيسى، تأجيل اعتماد الميزانية حتى يتم التنسيق الكامل بين مؤسسات الدولة المعنية، بما يضمن تحقيق ميزانية واقعية ومستدامة، تعكس الوضع الاقتصادي الفعلي للبلاد.
من اجتماع سابق لمجلس النواب (المجلس)
وأعرب عيسى في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قبل ساعات من انعقاد جلسة للمجلس بمقره في مدينة بنغازي (شرق)، بعد تأخير دام يومين، عن تحفظه بشأن المضي في مناقشة واعتماد مشروع هذه الميزانية، دون التشاور المسبق معه، محذراً من تداعيات ذلك على الاستقرار المالي والنقدي في البلاد. مؤكداً أن إعداد ميزانية موحدة للعام الحالي يتطلب مواءمة دقيقة بين الإيرادات المتاحة والإنفاق العام، وموضحاً أن الميزانية المقترحة بقيمة 160 مليار دينار لا تتماشى مع الواقع، خاصة في ظل غياب التقديرات الواقعية لبنود الإنفاق، مثل المرتبات والدعم والتنمية.
وأوضح عيسى أن تقديرات الإنفاق قد تصل إلى 190 مليار دينار، لكن إذا أضيف إليها بند الطوارئ، البالغ 25 مليار دينار، فإن إجمالي الإنفاق المتوقع قد يبلغ 215 مليار دينار، وهو ما من شأنه أن يُحدث ضغوطاً كبيرة على السياسة النقدية وسعر صرف الدينار الليبي.
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من مجلس النواب، الذي أخفق للمرة الثانية على التوالي في الاجتماع لبحث ميزانية حماد، وقال أعضاء في المجلس إن جلسته الرسمية بالخصوص قد تأجلت إلى موعد لاحق.
بدورها، واصلت رئيسة بعثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، لقاءاتها مع الشركاء الدوليين، حيث ناقشت في لندن مع وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية، هاميش فالكونر، التطورات السياسية والأمنية في ليبيا، وإحاطة البعثة المقبلة إلى مجلس الأمن الدولي المرتقبة في 21 من الشهر الحالي، وإطلاق البعثة لخريطة الطريق.
وأعربت تيتيه عن تقديرها لدعم المملكة المتحدة المستمر للبعثة، مشيرة إلى إطلاعها المسؤولين على ما يجري على الساحة الليبية، وعلى الحملة التوعوية للبعثة. فضلاً عن جهودها لتنشيط آليات التنسيق الدولية. ونقلت تيتيه عن فالكونر مجدداً دعم بلاده لها، واتفقا على مواصلة التنسيق الوثيق للمضي قدماً مع شروع البعثة في تنفيذ خريطة الطريق.
نوصي بقراءة: انطلاق فعاليات اللقاء التشاوري لاجتماعات القائمة الوطنية بحزب الجبهة الوطنية.. فيديو وصور
وكانت البعثة الأممية قد أكدت دعمها للعمل، الذي تقوم به لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية بهدف التوصل إلى ترتيبات أمنية قابلة للتنفيذ في طرابلس الكبرى.
ستيفاني خوري (أ.ف.ب)
وقالت نائبة تيتيه للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، إنها بحثت مع مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الرئاسي، عماد الفلاح، ومستشار الشؤون التشريعية والانتخابات، زياد دغيم، الوضع السياسي الراهن، وسبل دعم العملية السياسية، بالإضافة لجهود الوساطة الرامية للتوصل إلى ترتيبات أمنية مجدية في طرابلس، وخاصةً مطار معيتيقة الدولي، وضرورة تعزيز الحوكمة، وإصلاح قطاع الأمن على جميع الأصعدة.
وأوضحت خوري أن الفلاح ودغيم قدما أفكاراً لتعزيز الإدارة المالية والشفافية، وناقشا سبل تحسين المساءلة من قبل جميع الجهات الفاعلة، مؤكدَين ضرورة الشمولية، وتجنب الإجراءات الأحادية من جميع الأطراف.
إلى ذلك، هيمن ملف احتواء التوترات الأمنية، وتفعيل العملية السياسية المتوقفة على اجتماع رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، وعضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي.
وقال الدبيبة إنهما بحثا مساء الثلاثاء الوضع الأمني الراهن، وسبل احتواء التوترات الأخيرة، من خلال تعزيز التنسيق بين المؤسسات الأمنية والعسكرية، وضمان وحدة القرار الأمني، بما يُسهم في تثبيت الاستقرار، ويحول دون اتساع بؤر التوتر.
لقاء الدبيبة واللافي (حكومة الوحدة)
وأوضح الدبيبة أنهما أكدا ضرورة استئناف مسار التوافق الوطني، والعمل على إيجاد أرضية مشتركة، تُمكن من إعادة تنشيط العملية السياسية، وإنهاء المرحلة الانتقالية، وشددا على أهمية تبني سياسات مالية متوازنة لمعالجة أوجه القصور في إدارة المال العام، وتخفيف الأعباء المعيشية، مع التأكيد على تفعيل أدوات الرقابة والمساءلة، وتعزيز الانضباط المؤسسي. ولفت إلى تشديدهما على أهمية تعزيز العمل المشترك بين المؤسسات التنفيذية، بما يُمكن من استعادة الثقة في الدولة، وتحقيق تطلعات المواطنين في الأمن والاستقرار، وتحسين الأوضاع المعيشية.

