على مدار 20 عاماً من عمله في موقع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للغة العربية، بقي أفيخاي أدرعي أحد أشهر الشخصيات الإسرائيلية التي تحظى بالمتابعة والتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وشكّل خبر نشرته هيئة البث الإسرائيلية عن رغبة أدرعي في ترك منصبه، مفاجأة للكثير من متابعيه وحتى من يراقبونه عن بُعد، حتى ذهب بعض المراسلين لقنوات عبرية إلى وصفه بأنه «اليهودي الأكثر شهرةً في الشرق الأوسط».
وتحوّل أدرعي في السنوات الأخيرة، وخاصةً خلال الحرب الأخيرة على غزة ولبنان واليمن، إلى واجهة إعلامية إسرائيلية للناطقين باللغة العربية، بينما تم تغييب منافسيه في ساحة الإعلام العسكري باغتيال إسرائيل لخصومه مثل: حذيفة الكحلوت الملقّب بـ«أبي عبيدة» الناطق باسم «كتائب القسام» الذراع العسكرية لـ«حماس»، وكذلك «أبو حمزة» الناطق باسم «سرايا القدس» الذراع العسكرية لحركة «الجهاد»، وأيضاً الناطق باسم «حزب الله» محمد عفيف.
يمنيون يتابعون كلمة لأبو عبيدة المتحدث باسم «كتائب القسام» الذي أعلنت إسرائيل اغتياله في أغسطس الماضي (أرشيفية – إ.ب.أ)
وبدأ أدرعي مسيرته في الجيش الإسرائيلي، من خلال الخدمة في الوحدة 8200 التابعة للاستخبارات الإسرائيلية «أمان»، وهي أهم وحدة استخباراتية تجسسية، وتلقّى عرضاً قرب نهاية خدمته في تلك الوحدة ليشغل منصب رئيس قسم الإعلام العربي في مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
وخلال خطة «فكّ الارتباط» أو الانسحاب من غزة عام 2005، حصل على رتبة نقيب، ثم تم ترقيته إلى رتبة رائد بعد إكماله دورة الضباط، حتى وصل إلى عقيد مؤخراً، وشغل منذ ذلك العام خلال فترة الانسحاب منصبه ليكون ناطقاً باللغة العربية للجيش الإسرائيلي.
وقد أجرى أدرعي مئات المقابلات مع محطات عربية، وبات وجهاً معروفاً عربياً، كما أدار حسابات على منصات التواصل الاجتماعي يتحدث فيها بالعربية، حتى أصبح لديه ملايين المتابعين على المنصات المختلفة، الذين يتسابقون في التعليق على صفحاته.
وفي تقرير لمراسل هيئة البث الإسرائيلية للشؤون العسكرية إيتاي بلومنتال، يصف أدرعي بأنه «أصبح رمزاً لإسرائيل داخل العالم العربي، كما أن حساباته في شبكات التواصل الاجتماعي كانت تُستخدم كوسيلة لتوجيه رسائل إخلاء لسكان غزة ولبنان واليمن وحتى إيران خلال الحرب الأخيرة».
وتلقّى أدرعي تهديدات بقتله بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، كما تلقى تهديدات مماثلة بعد حرب غزة بين عامي 2008 و2009، وفي فبراير (شباط) 2024، تم الكشف عن أن فلسطينياً من سكان الخط الأخضر خطط هجوماً لقتل أدرعي قرب مطعم كان الأخير يرتاده وانتظره بالقرب منه، بعدما شاهده بشكل مفاجئ في المنطقة، وكان حينها يحمل سكيناً لكنه لم يقترب منه وينفذ الهجوم. وقال الجيش الإسرائيلي إن عملية استبدال أدرعي ستتم خلال الأشهر المقبلة، لكنه لم يعلن بعد عن خليفته.
ولا يُعدّ أدرعي الناطق الرئيسي والمركزي للجيش الإسرائيلي، حيث يوجد ناطق رئيسي باللغة العبرية، وناطقون باللغتين العربية والإنجليزية، وكان أدرعي هو المتحدث باسم اللغة العربية ضمن فريق يمثل وحدة أو مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
قد يهمك أيضًا: قانون الإيجار القديم .. تعرف على ضوابط عمل لجان الحصر فى كل محافظة
وخلال الحرب الأخيرة على عدة جبهات، سعى الناطق السابق للجيش الإسرائيلي، العميد دانيال هاغاري، بعد توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى الاستفادة من الانتشار الواسع لأدرعي.
خريطة تحذير نشرها الجيش الإسرائيلي عبر صفحة المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي على منصة «إكس» (الجيش الإسرائيلي)
وتقدر صحيفة «معاريف» أن هاغاري رأى أن استخدام «تلغرام» وشبكات التواصل الاجتماعي التي يديرها أدرعي هو السبيل لذلك، خاصةً أنه يمتلك مهارة الانتشار بين المتابعين.
ولقد عمد الجيش الإسرائيلي إلى استخدام الحسابات التي يديرها أدرعي على المنصات الاجتماعية لبث رسائل منتظمة مرفقة بخريطة لمناطق العمليات التي ينوي الجيش الإسرائيلي مهاجمتها، في محاولة لترسيخ صورة حرص إسرائيل على «الإنذار المسبق» للمدنيين، في وقت كانت تتزايد فيه المعارضة العالمية للحرب وخاصة في غزة التي أثمرت لاحقاً الإدانة بـ«الإبادة الجماعية» والتسبب في حدوث «مجاعة».
وفي العام الماضي، دخل أدرعي جنوب لبنان، وتجول في قريتين منه، وأثار ضجة بين اللبنانيين، كما أنه كان كثيراً ما يشتبك إعلامياً مع صحافيين وناشطين يتبعون أو يمجّدون «حزب الله».
وتقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن أدرعي بقي في وقت قضت فيه إسرائيل على خصومه مثل حذيفة الكحلوت الملقّب بـ«أبي عبيدة» الناطق باسم «كتائب القسام»، وكذلك «أبو حمزة» الناطق باسم سرايا القدس، وغيرهما من الشخصيات المؤثرة.
ويبحث الناطق الحالي الرئيس للجيش الإسرائيلي، إيفي دوفرين، عن بديل لأدرعي داخل الجيش.
ويوجد حالياً، وفق تقديرات إعلامية إسرائيلية، ثلاثة مرشحين، ويرجّح أن تكون الكابتن إيلا واوية، وهي نائبة حالية لأدرعي من تحلّ مكانه، وهي تستعد لذلك منذ سنوات، وقد خرجت فعلاً في بعض مقاطع الفيديو عبر صفحة أدرعي، كما أن لها صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، ولديها أيضاً متابعون من دول عربية وإسلامية.
وفي مقابلة لها خلال مؤتمر نظمته صحيفة «يديعوت أحرونوت» ومعهد دراسات الأمن القومي في يوليو (تموز) الماضي، قالت: «ساحة الإعلام ساحة معركة… إنها حرب لا تقل صعوبةً عن غيرها». وإيلا نشأت لعائلة مسلمة في قلنسوة بالخط الأخضر، وهي من أصول فلسطينية، وكثيراً ما تقول إنها تفتخر بخدمة إسرائيل.
